«فداك يا ولدى»!! صيحة أب من أجل فلذة كبده. صيحة ترسم ابتسامة أحياناً وقد تبكى بسببها فى أحيان أخرى الساحرة المستديرة والدنيا كلها بقدر ما تكشف عن ظاهرة العائلات الرياضية وأسرارها وتثير الآن جدلاً فى مناطق متعددة من العالم ومنتخبات تستعد بعد ساعات معدودة للعرس الكروى العالمي.
وعرفت كرة القدم المصرية ظاهرة العائلات الرياضية وأجيال اللاعبين التى تنتمى لعائلة واحدة فى فريق واحد مثل حالة فريق الزمالك الذى توالى على اللعب فيه الجد محمد يحيى إمام والابن حمادة إمام فالحفيد حازم إمام وكذلك حالة اللاعب يكن حسين الشهير «بملك التغطية»، ثم ابنه هشام، أما الأهلى فهناك الأب حسين مدكور وابنه شريف وهناك أيضا على سبيل المثال الأشقاء الثلاثة صالح سليم وعبدالوهاب سليم وطارق سليم، أما عائلة أبوجريشة فقدمت لفريق الإسماعيلى ثلة من اللاعبين أبرزهم اللاعب الموهوب أبوجريشة.
وعلى أبواب مونديال ٢٠١٠ تثير ظاهرة العائلات الرياضية بل المسائل العائلية جدلاً على امتداد مناطق متعددة فى العالم من المكسيك حتى غرب أفريقيا بعد أن أدت لتداعيات تتصل بالعرس الكروى العالمى فيما بغلت الظاهرة ذروتها فى المكسيك مع الصيحة التى أطلقها أب رياضى ومدرب كروى بسبب ابنه اللاعب فى المنتخب المكسيكى. «فداك يا والدى».. قالها شيشاريتو هيرانديز ليهز أفئدة المكسيكيين بعد أن ضحى بوظيفته المرموقة ذات الراتب الكبير من أجل ابنه خافيير اللاعب المهاجم فى منتخب المكسيك.
الأب مدرب كرة قدم ويتولى تدريب فريق نادى شيفاز المكسيكى وهو من الفرق الثرية وعندما طلب إجازة من عمله ليسافر إلى جنوب أفريقيا حتى يشجع ابنه خافيير رفضوا الطلب فلم يتردد الأب فى ترك عمله والتضحية براتبه الكبير وهو يقول: «هناك لحظات فى العمر لا تتكرر ومثل هذه اللحظات تتطلب بالضرورة قرارات كبيرة وخطيرة».
يشرح اللاعب القديم والمدرب القدير شيشاريتو هيرنانديز الأمر للصحفيين فيقول: «نعم عملى مهم وينبغى أن أحرص عليه وقد فكرت فى الأمر بالطبع ولكن بعد تفكير عميق قلت لنفسى إن ابنى أهم من أى شىء آخر.. بمقدورى أن أعوض العمل وأجد فرصة أخرى لكن لا يمكن أن أجد بديلا عن ابنى أو أعوضه، وكان لابد أن أذهب لجنوب أفريقيا لأشجعه وهو يلعب مع منتخبنا الوطنى فى المونديال».
ورغم أن الأب الرياضى بدا حريصا على التهوين من حجم تضحيته براتبه الكبير ووضعه كمدرب لفريق مهم وناد ثرى فى المكسيك وقال إنه فى نهاية المطاف لابد أن يجد عملا آخر ولو براتب أقل فإن الكثير من المكسيكيين اعتبروا ما حدث دليلا على الترابط الأسرى والحب الأبوى العظيم وأشادوا بأب ضحى بوظيفته التى تدر دخلاً كبيراً من أجل ابنه حتى يشجعه فى ملاعب المونديال.
لكن ليست كل قصص العائلات الرياضية مضيئة وتحمل معانى إيجابية فخلافا لقصة المدرب شيشاريتو وولده هيرنانديز هناك قصص فى مونديال - ٢٠١٠، تشير لكثير من المتاعب بل قد تكون مثيرة للحزن وربما بكاء الساحرة المستديرة ذاتها!!
ففى المكسيك أيضا تثير عائلة دوسانتوس الرياضية الكثير من المتاعب وهى عائلة كروية من الطراز الأول.. والعائلة شعرت بالغضب البالغ جراء استبعاد خافيير أجيرى مدرب المنتخب المكسيكى الاعب جوناثان دوسانتوس ابن الـ٢٠ عاما المحترف فى فريق برشلونة الإسبانى.
استبعد المدرب أجيرى لاعب خط الوسط جوناثان. من تشكيل المنتخب المكسيكى فى مونديال ٢٠١٠ فقامت قيامة عائلة دوسانتوس.. فجوناثان هو الشقيق الأصغر للاعب جيوفانى أحد أعمدة خط الوسط وصاحب النزعة الهجومية المقاتلة فى منتخب المكسيك، والمشكلة أن جيوفانى غضب بشدة لاستبعاد شقيقه من تشكيلة الفريق وهدد بعدم اللعب أثناء المونديال طالما أن شقيقه الصغير لن يلعب بجواره، أما الأب زيزينهو وهو لاعب كرة سابق فقد هدد بدوره بألا يلعب ابنه جوناثان بعد ذلك أبدا فى صفوف منتخب المكسيك وذهب إلى أن على العائلة أن تبحث عن منتخب آخر يقدر أبناءها!.
هل تؤثر هذه المشاكل العائلية على منتخب المكسيك الذى يفتتح العرس الكروى العالمى بمباراة مع منتخب الدولة المضيفة ثم يتبارى يوم السابع عشر من شهر يونيو الجارى مع منتخب فرنسا فمنتخب أوروجواى يوم الثانى والعشرين من الشهر ذاته؟! سؤال مثير لقلق المكسيكيين الذين يأملون فى أداء قوى لمنتخبهم الوطنى أما المثير للبكاء فيحدث فى غانا التى عرف منتخبها الوطنى بلقب «النجوم السوداء» كما يفخر بلقب «برازيل أفريقيا».
قصص راجت وأقاويل انتشرت وشائعات ومزاعم سرت كالنار فى الهشيم عن لعنة حلت بنجم غانا مايكل إيسيان المحترف فى فريق تشيلسى الإنجليزى الذى يوصف بأنه أحد أفضل لاعبى كرة القدم فى العالم.. زعم الزاعمون أن لعنة الأب حلت على الابن النجم لتتكرر إصابته وتستفحل حتى إنه استبعد من المشاركة مع منتخب غانا فى المونديال.
وتوالت القصص تلو القصص وتراكمت المزاعم فوق المزاعم عن لعنة أب غاضب حلت على ابنه فإذا بمايكل إيسيان يقضى الأشهر تلو الأشهر مع إصاباته بعيدا عن الملاعب ومحروما من المستطيل الأخضر الذى يعشقه، ولاكت الألسن سيرة ومسيرة العلاقة المتوترة دوما بين نجم النجوم السوداء ووالده المقيم فى كوخ بريف غانا وأعادوا إلى الأذهان أن اللعنة التى تحول دون مشاركة مايكل إيسيان فى العرس الكروى العالمى حالت من قبل دون مشاركته مع منتخبه الوطنى فى البطولة الأخيرة لكأس الأمم الأفريقية التى أقيمت فى مطلع العام الحالى بأنجولا وتوج فيها منتخب الفراعنة.
ونسجت روايات اختلط فيها الحق بالباطل والحقيقة بالخيال عن الأب الذى استخدم تعويذة سحرية معروفة فى غرب أفريقيا «بتعويذة جوجو» ليستخدمها ضد ابنه نجم خط الوسط ويحرمه من معشوقته الساحرة المستديرة!.. زعموا أن «لعنة جوجو» التى حلت على الابن العاق مستمرة وها هى تمنعه من المشاركة فى مونديال ٢٠١٠ بعد أن تبين من الفحص الطبى أنه لن يتعافى من إصابته فى أربطة الركبة قبل نهاية شهر يوليو المقبل أى بعد أن ينتهى العرس الكروى العالمى.
ووسط هموم وغموم وغيوم كان للحق أن يدحض الباطل وإذا بالحقيقة تسطع رغم ظلام الأكاذيب والأراجيف والشائعات!.. وإذا بالغانيين يعرفون أخيرا أن الأب جيمس مايكل امتنع عن الطعام حزنا وقهرا بعد أن أتاه نبأ الإصابة الجديدة لابنه التى ستمنعه من المشاركة مع منتخب النجوم السوداء فى العرس الكروى العالمى.. الأب صائم عن الطعام يكاد قلبه ينفطر شفقة على ابنه.. لسان حاله يقول: «فداك يا ولدى».. ليس للأب أن يسحر لابنه كما زعم الزاعمون وردد المرجفون حتى إن كان الابن قد تصرف أحيانا بصورة لا ترضى الأب.. وبكت غانا عندما علمت بالحقيقة.. بكت وبكت معها الساحرة المستديرة قبل أن يبدأ المونديال!!.